للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يعيشون فيه، ولو أنهم التقوا بالإسلام على حقيقته، وتعرفوا على موارده الصافية، لما مدّوا أبصارهم إلى دين غيره، ولكانوا من المؤمنين بالله، إيمانا قائما على دعائم ثابتة، تملك عقولهم وقلوبهم على السواء..

وتلك حقيقة يعرفها عن الإسلام أولئك الذين يحاربون الإسلام، ويخشون منه هذا الغزو السلمى المكتسح، الّذى من شأنه- لو قدّر له أن يتصل بالنّاس اتصالا مباشرا من غير أن يثار فى وجهه غبار الضلال ودخان الإفك- أن يقوض سلطان المتسلطين على الناس هناك باسم الدين، وأن يسلبهم هذا الجاه العريض الذي يعيشون فيه.. تماما كما فعل مشركو قريش حين جاءهم الإسلام فأنكره سادتهم وحاربوه، وهم يعلمون أنه الحق من ربّهم، ولكنه الحق الذي يسلبهم منزلتهم فى الناس، ويسوّى بينهم وبين عامة الناس، فآثروا السلطان الذي فى أيديهم، مع العمى والضلال، على الحق الذي عرفوه وأنكروه!.

ومن أجل هذا كانت تلك الحرب المسعورة التي يشنها أصحاب الرياسات الدينية ومن فى حكمهم، على الإسلام، حتى يسلم لهم ما فى أيديهم من جاه وسلطان، ولو هلك الناس، وغرقوا فى الضّلال، ودانوا بالكفر والإلحاد!.

ومع هذا كله، فإن المستقبل للإسلام، وستكشف الأيام وجهه المشرق الوضيء للناس يوما، إن عاجلا أو آجلا، وسيصبح هذا العنوان الذي اتخذه «الإسلام» عنوانا له، وسمة دالة عليه- هو دين الإنسانية كلها، وبهذا يتحقق قول الحق جلّ وعلا: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ» ، وقوله سبحانه:

«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» .

هذه حقيقة نؤمن بها إيماننا بالله، وبدين الله، وبكتاب الله.. وإن هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>