فى هذا يسأل عنه وهو: كيف يعلّق علم الله تعالى بما فى قلوبهم، على شرط؟
وهو سبحانه وتعالى يعلم ما فى القلوب قبل أن توجد القلوب وأصحاب القلوب؟
والجواب- كما قلنا فى أكثر من مرة- أن تعليق علم الله بأفعال العباد لا يعنى بحال ما ماهو واقع فى علم الله مما سيفعله العباد، ولكن المراد بهذا التعليق هو العلم الواقع على الأفعال حال وقوع هذه الأفعال من المكلفين..
فعلم الله سبحانه بهذه الأفعال علم متصل بها فى جميع أحوالها وأزمانها، فهو عالم بها قبل أن تحدث وتقع من أصحابها، وعالم بها بعد أن تقع وتحدث، وتعليق علم الله سبحانه بحدوثها ووقوعها، هو إلفات لأصحابها، وإلى علم الله بهم وبأفعالهم وهم متلبسون بها، ومحاسبون عليها.
وفى قوله تعالى:«يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» هو وعد كريم لمن ينظر لنفسه من هؤلاء الأسرى، ويخلص بها إلى الله، ويدخل فى دين الله، وعندئذ سيشارك المسلمين فيما سيفتح الله به عليهم، وما يقع لأيديهم من غنائم.. وأكثر من هذا، فإن الله سبحانه وتعالى سيقبلهم فى المقبولين من عباده، ويغفر لهم ما كان منهم من عداوة للإسلام، وأذى للمسلمين.
قوله تعالى:«وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» هو وعيد لأولئك الذين لم يستجيبوا لهذا النداء الكريم، وهذا الصفح الجميل من رب العالمين، فأمسكوا على ما فى قلوبهم من عداوة وضغينة وطووا صدورهم على الثأر والانتقام- فهؤلاء إن يخونوا الرسول، فإنهم قد خانوا الله من قبل، بأن كفروا به، وهو ربهم، وخالقهم، ورازقهم، فإذا خانوا الرسول بعد هذا، فليس ذلك بالشيء الغريب عليهم، فكفرهم بنعم المنعم