الآية.. فهذا يعنى أنه إلى حين نزول هذه الآيات كان بعض الأسرى فى يد المسلمين لم يطلق سراحهم بعد..
وفى قوله تعالى:«إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» - فى هذا عزاء ومواساة من الله سبحانه وتعالى لهؤلاء الأسرى، الذي أصيبوا فى أهليهم، بمن قتل منهم فى بدر، وها هم أولاء يصابون فى أموالهم بما يؤخذ منهم من فدية.. وفى هذا العزاء ما يذهب بكثير مما فى نفوسهم من أسى ومرارة، وما فى قلوبهم من ضغينة وحقد على الإسلام والمسلمين، إذ يرون فى هذا العزاء الإلهى دعوة إلى التصالح والتفاهم والالتقاء بالإسلام، والمواخاة للمسلمين، وأن الله سبحانه وتعالى ليس ربّ المسلمين وحدهم، بل هو ربهم، وربّ العباد جميعا، وربّ كل شىء، وخالق كل شىء، وأن الإسلام ليس من حظ هؤلاء المسلمين الذين آمنوا بالله ورسوله، وكان لهم من الله هذا النصر الذي رأوه بأعينهم رأي العين فى بدر- بل إنه حظ مشاع بين الناس جميعا، من سبق منهم ومن لم يسبق، وأن الناس جميعا مدعوون إليه فى كل وقت إلى يوم القيامة! وعلى هذا التقدير، وبهذا الحساب- تكون معركة بدر ليست نصرا للمسلمين الذين قاتلوا فيها، وإنما هى نصر للإسلام، ونصر لكل مسلم دخل أو يدخل فى الإسلام، لأنها ليست لحساب شخص أو قبيلة، وإنما هى لحساب هذا الدّين الذي يرتفع بمبادئه فوق الأشخاص والقبائل، ويتخطّى بشريعته حدود المكان والزمان..