للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يعيشون فيه! «أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ» .

قوله تعالى: «لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ» ..

هو توكيد لبيان ما يحمل المشركون للمسلمين من عداوة، وما يرصدون لهم من كيد، وما يدبّرون من بغى وعدوان.. وذلك أمر يجب أن يعلمه المسلمون، وأن يستيقنوه، وأن يأخذوا حذرهم منه، وإلّا استحوذ عليهم المشركون، وفتنوهم فى دينهم، وأوقعوهم فى بلاء عظيم.

قوله تعالى: «فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» فى هذا ما يكشف عن سماحة الإسلام، وإنسانيته، وأنه ليس لحساب فرد، أو جماعة، أو أمة، وإنما هو حظ متاح للناس جميعا.. وأن هذه الحرب التي تدور بين أتباعه وأعدائه، والتي يحتمل فيها هؤلاء الأتباع ما يحتملون من ابتلاء فى أموالهم وأنفسهم- هذه الحرب ليست لحساب أحد، وإنما هى من أجل هذا الدين، ولحساب هذا الدين.. ومن هنا كان مطلب المسلمين المجاهدين أولا وقبل كل شىء، هو هداية الناس، وابتغاء الخير لهم.. فإذا اهتدى الضال، وآمن المشرك، ونزع الكافر عن كفره- كان ذلك هو الجزاء الحسن الذي يسعد به المسلم، والغنيمة العظيمة التي يجد فيها العزاء لكل ما أصيب به، فى نفسه، أو ماله.

ولهذا، فإن هؤلاء المحاربين للمسلمين، والمعتدين على الإسلام، هم على تلك الصفة، والمسلمون على موقفهم العدائى معهم، ما داموا على حالهم تلك، فإذا هم تحولوا عن موقفهم هذا، ودخلوا فى دين الله- انقلبوا فى الحال أولياء

<<  <  ج: ص:  >  >>