للمؤمنين، وإخوانا لهم، قد ذهب إيمانهم بالله بكل ما كان لهم فى نفوس المؤمنين من بغضة وعداوة..
وفى قوله تعالى:«وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» دعوة للمشركين أن يتدبروا أمرهم فيما بينهم وبين هذا الدين الذي يدعون إليه، وإنهم لو نظروا بقلوب سليمة، وعقول تنشد الحق، وتطلب الهدى، لعلموا أن دعوة الإسلام لا تقوم على عصبية قبليّة، أو طائفية، أو من أجل جاه أو سلطان، وأنه لو كان هذا شأنها لما كان دخولهم الإيمان شفيعا يشفع لهم عند المسلمين، ويعفى على ما اقترفوه فى حقهم من آثام، ولما قبل منهم المسلمون إلا الاستسلام لهم، واستباحة دمائهم وأموالهم، شأن الحروب التي تقع بين الناس والناس، من أجل أمور الدنيا المتنازع عليها بينهم أبدا.
قوله تعالى:«وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ» هذا هو الوجه الآخر الذي يلقى به المؤمنون، المتمردين من المشركين، الناكثين للعهد، وهو أنه إذا لم يستقم المشركون على الوفاء بالعهد، ونكثوه، أو همّوا بنكثه، وأطلقوا ألسنتهم بقالة السوء فى الإسلام والمسلمين، أو مدّوا أيديهم إلى المسلمين بأذى- فعندئذ ينبغى على المسلمين أن يحلّوا أنفسهم من أي عقد عقدوه مع هؤلاء المشركين، وأن يضربوهم بيد باطشة قاهرة، لعلّ فى هذا ما يقطع ألسنتهم وأيديهم المتطاولة على الدين، ويقصّر من خطوهم إلى التمادي فى الشرك والضلال.
وفى العدول عن الضمير إلى الظاهر فى قوله تعالى:«فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ» بدلا من أن يجىء النظم «فقاتلوهم» - فى هذا ما يكشف عن وجه هؤلاء المشركين،