للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الوجه، الذي لا يستحق غير الخزي والهوان.. إنه وجه يطلّ منه الكفر فى أنكر صورة وأبشعها.. وإنه، وجه تنعقد على جبينه أمارة الزعامة، والإمامة، لدولة الكفر والضلال.

قوله تعالى: «أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» هو تحريض للمؤمنين على الجدّ فى قتال المشركين، وفى قتل كل المشاعر التي تدعو إلى مهادنتهم، والتراخي فى تأديبهم والانتقام منهم.. فإذا وقع فى نفس مسلم شىء من هذا المشاعر، فليذكر ما صنع هؤلاء المشركون به وبالنبيّ الكريم، وبجماعة المسلمين عامة، وما كان منهم من كيد وبغى وعدوان، على دين الله، وعلى المؤمنين بالله..

فهؤلاء المشركون، الذين نكثوا أيمانهم، ونقضوا عهودهم- لم يكونوا فى يوم ما على حال مستقيمة مع المسلمين.. وحسبهم أن كان منهم تلك المواجهة المنكرة التي واجهوا بها الرسول فى أول دعوته، وكيف آذوه وآذوا كل من استجاب له، حتى همّوا بإخراجه، وتآمروا على اغتياله، لولا أن ردّ الله كيدهم، وأخرج النبىّ سليما معافى من بينهم.

ثم هاهم أولاء قد نكثوا أيمانهم، وتحللوا من كل عقد عقدوه مع المسلمين..

فكيف يرعى المسلم لهم عهدا..؟ وكيف تعطفه عليهم عاطفة؟

وفى التعبير بلفظ «همّوا بإخراج الرسول» إشارة إلى واقع أمرهم مع الرسول فعلا، فهم لم يخرجوه، بل كانوا يعملون على أن يمسكوه بينهم، ويحولوا بينه وبين أن يلقى الناس، وأن تلتقى دعوته بالناس- ولكن لما كان هذا الموقف المتعنت الذي وقفوه منه- صلوات الله وسلامه عليه- سببا فى أن يخرج من بلده

<<  <  ج: ص:  >  >>