للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهاجرا، فقد حسن أن يضاف إليهم إخراجه، نيّة لا عملا.. وفى التعبير بكلمة «همّوا» التي تفيد معنى النيّة المنعقدة على هذا الأمر- فى هذا ما يكشف عن مكنون ضمائرهم، من كراهية للنبىّ، واستثقال لمقامه فيهم، وأنهم يهمّون بإخراجه، ولكن يرون أن إخراجه أشدّ بلاء عليهم من إمساكه معهم..

فهم يمسكون بالنبيّ على مضض وتكرّه..

ومن فعلات المشركين بالمؤمنين أنهم هم الذين بدءوا بالعدوان، وجاءوا إلى بدر بجيوشهم، يمنّون أنفسهم بالقضاء عليهم، والتنكيل بهم.

فهذه كلها أمور إذا ذكرها المسلمون أثارت حفيظتهم على المشركين، وأوقدت عزائمهم لجهادهم، وأخذهم بالبأساء والضراء، حتى يستجيبوا لله وللرسول..

وفى تنكير المشركين فى قوله تعالى: «أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً» تحقير لهؤلاء القوم، وتعرية لهم من كل صفة، إلا تلك الصفات التي دمغهم الله سبحانه وتعالى بها، وهى ما أشار إليه قوله تعالى: «نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ. وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ..

وقوله تعالى: «قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» .

هو إغراء للمسلمين بلقاء المشركين وقتالهم، حتى يفيئوا إلى أمر الله..

فبعد أن أثار الله حميّة المسلمين، وملأ قلوبهم موجدة وسخطا على الكافرين- جاء وعده سبحانه وتعالى للمسلمين بالنصر على عدوّهم، وأنه سبحانه سيعذب هؤلاء المشركين بأيدى المؤمنين، بما يصيبهم فى أنفسهم من قتل وأسر، وما يصيبهم فى أموالهم، التي تقع غنيمة لأيدى المؤمنين فى ميدان القتال، أو فى فداء الأسرى منهم.. وليس هذا فحسب، فإن الذي لهم فى العرب من مكان

<<  <  ج: ص:  >  >>