للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرياسة والسيادة ستذهب به تلك الهزيمة المنكرة التي سيلقونها، ويلقون معها الخزي والعار..

وفى قوله تعالى: «وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ» انتقال من الخطاب إلى الغيبة، وفى ذلك تنويه بشأن المؤمنين، ورفع لقدرهم، بالنأى بهم عن هذا الموطن الذي ينزل فيه العذاب على المشركين، ويقع عليهم الخزي والهوان..

وفى العدول عن تعريف القوم إلى تنكيرهم، تفخيم لهؤلاء القوم، وأنهم ليسوا قوما بأعيانهم، وإنما هم المؤمنين حيث كانوا، سواء من قاتل هؤلاء المشركين أو من لم يقاتل، وسواء من شهد هذه الأحداث وعاصرها أو من جاء بعدها، حيث يرى المؤمن فى حديث التاريخ عنها ما نقرّ به عينه، وينشرح به صدره، حين يحدّثه التاريخ عن هزيمة الباطل وانتصار الحق، وامتداد ظلّ الإسلام، وانكماش دولة الكفر والضلال..

وفى قوله تعالى: «وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ» وفى عطف هذا الفعل على الأفعال قبله فى قوله تعالى: «يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ» ..

إشارة إلى أن من تقدّر له التوبة من هؤلاء المشركين ويدخل فى دين الله يجد نفسه مشاركا للمؤمنين فيما آتاهم الله من فضله، ينصرهم وإعزازهم، وشفاء ما بصدورهم.. وبهذا يتحول فى لحظة واحدة من تلك الحال التي يلبس فيها لباس الهزيمة والخزي والعار، إلى الجبهة الأخرى، فيشاركها أفراحها ومسرّاتها، ويقاسمها ما بين أيديها من نصر، وما فى قلوبها من رضى وحبور، وفى هذا تحريض قوىّ للمشركين على ان يستجيبوا لله وللرسول، وأن يدخلوا فى دين الله، ويسلموا له مع المسلمين.. «وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» يمضى حكمه

<<  <  ج: ص:  >  >>