ومسخ إنسانيتهم، وتحويلهم إلى دمّى تتحرك حسب مشيئته، وتبع إشارته..
ومن هنا كانت حرب الاستعمار للدين الإسلامى فى نفوس أهله، وفى تصويره لنا بصورة الداء الذي أصابنا فى الصميم من حياتنا، فصار بنا إلى ما نحن فيه، من ضعف وفقر وتخلّف، وإنه لولا تمسكنا به، لما كانت تلك حالنا، ولما قامت علينا تلك الوصاية القاهرة الظالمة من الأمم التي استولت على مواطن الإسلام.. هكذا ألقى الاستعمار إلينا بهذا الضلال المسموم، فتلقّاه كثير منّا وكأنه نصيحة ناصح أمين، وتذكرة طبيب حاذق لمريض يشفق عليه، ويلتمس الدواء لعلته القاتلة!.
ولقد عمل الاستعمار جاهدا على أن يمكّن لهذا الضلال من نفوسنا، وأن يغرى به الشباب، خاصة، بما أذاع بأساليبه وصنائعه من مفتريات على الإسلام، وتهجم عليه، وازدراء لأهله، واستخفاف بمكانهم فى الحياة، وحرمانهم من كل مكان كريم فيها..
بل، وأكثر من هذا.. فلقد أرانا الاستعمار صورة عملية تعيش بيننا، وتشهد لما يحدّثنا به عن الإسلام، وعن جنايته على المسلمين..!
فالاستعمار، إذ وضع يده على أوطان الإسلام كلّها، ترك فى وسط العالم الإسلامى، بلادا غير مسلمة- كالحبشة مثلا- دون أن يمدّ إليها يدا، ليرى المسلمين من ذلك أن دينهم هو الذي جعل أوطانهم- دون سائر الأوطان- على هذه الحالة من الضعف، الذي أغرى المستعمرين بهم، ومكّن له منهم، وأقامه قيّما عليهم، حتى يرشدوا ويبلغوا مبلغ الرجال.. ولن يكون لهم ذلك إلا إذا تحللوا من هذا الدين، وتركوه وراءهم ظهريّا.