للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الإسلام شىء.. وأهله شىء آخر، فى هذا العصر الأقل..

وأنه إذا كانت قد عرضت للمسلمين عوارض الضعف والوهن فى فترة من فترات تاريخهم الطويل، فليس من الإنصاف للإسلام أن يقام ميزانه على حساب تلك الفترة العارضة..

وإن على الذي ينشد الحق للحق، أن ينظر إلى الإسلام أولا وقبل كل شىء..

فى مبادئه، وأحكامه، وفى تصوره للألوهية، وللحياة الآخرة، وفى دعوته الأخلاقية لبناء الكيان الإنسانى، وصلته بالمجتمع الإنسانىّ وبالحياة.. فإن وجد نظاما وضعيا أو دينيا عرفته الحياة، قديما أو حديثا، فى سياسة الأمم والشعوب، وفى إقامة موازين العدل بين الناس، وفى تنظيم العلاقات بينهم فى الحرب والسلم- إن وجد نظاما وضيعا أو دينيا يقارب نظام الإسلام، فى اعتداله وتوازنه، وتواقفه مع متطلبات الناس وواقع الحياة، فليقل فى الإسلام ما يقول، وليرمه بالسّهم القاتل، وهو أنه ليس من عند الله، إذ لا يكون من عند الله شىء يكون فيه خلل أو اضطراب..!

ثم إن من ينشد الحقّ للحق، وينظر إلى الإسلام نظرا مباشرا، ينبغى ألّا يغفل عن تلك الفترة المشرقة من تاريخ المسلمين، يوم كان الإسلام قائد حياتهم، وراية دولتهم، ودستورهم العامل فى حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فذلك من شأنه أن يعطى الإسلام فرصته، ليقيم بين عينى الناظر إليه، مجتمعا بشريا لم تعرف الحياة مثيلا له، فى ماضيها وحاضرها.. مجتمعا ملأ يديه من طيبات الحياة فى أصفى مواردها، وأكرم منازلها، دون أن ينسى نصيبه من معطيات الروح.. فكانت قدمه على الأرض، ورأسه فى السماء! والسؤال الذي نسأله هنا.. هو:

إذا كانت بعض الأديان- بما دخل عليها من تبديل وتحريف- قد فضحها

<<  <  ج: ص:  >  >>