للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكونوا قلبا واحدا، ولسانا واحدا، ويدا واحدة.. لأنهم مهما كثر عددهم، هم قلّة فى هذه الدنيا، بالنسبة لأهل الشرك والضلال والكفر، كما يقول سبحانه وتعالى: «وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ» .

فهذا من شأنه أن يدعو المسلمين إلى جمع كلمتهم، ووحدة صفّهم، فوق أن ذلك هو واجب المسلمين فى السّلم، فكيف وهم فى مواجهة العدوّ المتربّص بهم؟

«وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» هو دعوة إلى التقوى، وجعلها الميزان الذي يضبط عليه المسلمون موقفهم من المشركين.. فلا بغى ولا عدوان ولا ظلم.. لأن ذلك يخرج المسلمين عن صفة التقوى، ويقيمهم هم والمشركون على مقام واحد.. الأمر الذي من شأنه أن يفوّت عليهم أن يكون الله سبحانه معهم، يؤيدهم وينصرهم على عدوّهم.. لأنه سبحانه لا يكون إلّا مع المتقين..

وعن هذا الفهم لخاتمة هذه الآية كانت وصاة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، حين كتب إلى قائده سعد بن أبى وقاص يقول له: «أما بعد، فإنى آمرك ومن معك من الأجناد، بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدّة على العدوّ، وأقوى المكيدة فى الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشدّ احتراسا من المعاصي منكم، من عدوّكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوّهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدّتنا كعدتهم، فإذا استوينا فى المعصية، كان لهم الفضل علينا فى القوة، وإلا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا» ..

أما موقف المسلمين مع غير المسلمين، فهو سلم مع من سالمهم، حرب مع من اعتدى عليهم، وحاربهم.

وتاريخ الدعوة الإسلامية، وأسلوبها الذي قامت عليه منذ اليوم الأول على

<<  <  ج: ص:  >  >>