للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأقربون، فإن كانوا ورثة كالزوجة والابن وغيرهما، فشأنهم شأن الوالدين، فى إطلاق إرادة المورث، المشرف على الموت، أن يوصى لمن شاء منهم- فى حدود الثلث- بما يراه، ليسدّ حاجة يراها المورث فى ورثته، كأن تكون الزوجة مريضة، أو يكون أحد الأبناء ذا عاهة أو نحو هذا..

فإن كان الأقربون غير ورثة، فإطلاق إرادة المورث بالوصية لهما بشىء مما سيترك، أوجب وألزم.. إذ يرى أنهم- وهم ذوو رحمة- محرومون مما ترك للورثة من أقاربه! فالوصية- على هذا التقدير- ليست إلا استثناء من حكم عام هو الميراث، وبهذا الاستثناء تعالج الثغرات التي تظهر فى الحكم العام عند تطبيقه، الأمر الذي لا يخلو منه حكم عام! وفى قوله تعالى: «بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ» حراسة مؤكدة على هذا الاستثناء من أن يجوز على الحكم العام أو يعطّله..! وبهذه الحراسة المؤكدة تكون الوصية دعامة قوية يقوم عليها الميراث، وتكمل بها جوانب النقص الذي قد يكون فيه، فى أحوال وظروف خاصة، يترك تقديرها للمورث، ولما فى قلبه من تقوى، خاصة وهو على مشارف الطريق إلى الله.

وقوله تعالى: «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» الضمير فى «بدّله» يعود إلى قوله تعالى «خَيْراً» أي فمن بدّل فى هذا الخير المسوق إلى الموصى إليهم من الموصى، بأن زاد أو نقص فيما سمع من الموصى، فإن إثم ذلك التحريف والتبديل واقع عليه.. فليحذر شاهد الوصية أن يشهد بغير ما سمع: «إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» قد سمع ما نطق به الموصى، وعلمه وشهد عليه.. ومخالفة شاهد الوصية لما أوصى به الموصى، هو مخالفة لما سمعه الله وعلمه، وشهد به.

<<  <  ج: ص:  >  >>