كما ذكر القرآن الكريم المسكين فى معرض الذلّة والمهانة:«وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً» فهذه الأصناف الثلاثة يحتويها الضعف وتشتمل عليها الذلّة.
ويقول سبحانه وتعالى:«وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ» ..
فقد جمعت الآية بين العبد الرقيق، واليتيم الفقير، والمسكين المترب.
وفقير المسلمين- كما قلنا- لا يكون أبدا على هذا المستوي الإنسانى من الاستكانة، والذلة، والضعف.. بل هو من إيمانه بالله فى عزّة، وقوّة وإن صفرت يداه من الأصفرين «١» ! والذّميون- وهم الذين فى يد المسلمين وذمتهم- من أهل الكتاب، فيهم- كما فى كل جماعة- من هم فى حاجة إلى الصّدقة التي تسدّ مفاقرهم، وتدفع غائلة الحاجة عنهم.. والله سبحانه وتعالى يقول:«لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» .. فإذا جعل الإسلام نصيبا مفروضا فى الزكاة لفقراء أهل الكتاب، فذلك من البر الذي دعانا الله إليه نحوهم.. ثم هو من جهة أخرى حماية للمجتمع الإسلامى الذي يعيشون فيه، من آثار هذا الداء- داء الحاجة والعوز- الذي إن سرى فى جماعة أفسدها، وأشاع الفوضى والقلق والوهن فى كيانها.
«وَالْعامِلِينَ عَلَيْها» وهم الذين يوكل إليهم تحصيل الزكاة من أهل الزكاة..
فهم- والحال كذلك- مشتغلون يجمعها، عاملون فى تحصيلها، ومن تمّ وجب أن ينالوا نصيبا منها، يكفل لهم الحياة المناسبة لهم.. حياة تأخذ مكانا وسطا