للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الفقراء والأغنياء.. إنهم عاملون، ولا بدّ لكل عامل من أجر فى مقابل ما يعمل..

«وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ» وهم الذين دخلوا فى الإسلام من زعماء العرب، ولم تخلص نياتهم له، ولم تطب نفوسهم به، إذ نزع الإسلام عنهم ما كان لهم من سلطان فى قومهم، وسوّى بينهم وبين عامة الناس.. فهم- والحال كذلك- فى حاجة إلى علاج نفسىّ يزيل ما بينهم وبين الدين الجديد من جفوة.. وفيما كان من تدبير الإسلام فى تألفهم إليه بالمال الذي يخصّهم به دون الناس- فى هذا ما يرضى نوازع السلطان والرياسة عندهم، وذلك من شأنه أن يقيم نظرهم على الدين الجديد، وأن يتيح لهم الفرصة لمراجعة حسابهم معه، فإذا كان ذلك استبانت لهم حقيقة الإسلام، وعرفوا أي دعوة يدعوهم النبىّ إليها، وأي خير يقدمه إليهم فى ثنايا الدعوة، التي تحمل إليهم سعادة الدنيا والآخرة جميعا..

فهذا المال الذي يتألّف به الإسلام تلك الجماعة التي أعماها حبّها للجاه والسلطان عن أن تنظر فى الدعوة الإسلامية، وأن تستمع إلى كلمة الحق التي يؤذّن بها الرسول الكريم فى الناس- هذا المال ليس رشوة يقدّمها الإسلام لتلك الجماعة المتأبية عليه، المزورّة عنه، حتى تسكت عنه، ولا تقف فى سبيله- وإنما الذي قصد إليه الإسلام من هذا، هو أن يروض جماح هذه الجماعة، ويهدىء من ثائرتها، ويطفىء من نار حنقها، وضغنها على الإسلام، حتى تستطيع أن تنظر إليه، وتعرض دعوته على العقل، بعيدا عن دخان الحقد، وضبابه.. وبهذا يكون حكم هذه الجماعة على الدين الذي يدعون إليه، حكما صحيحا، قائما على النظر، والتعقل، والتدبر..

والإسلام لا يريد من الذين يدعوهم إليه أكثر من هذا.. إنهم يريدهم

<<  <  ج: ص:  >  >>