على طبيعتها معهنّ، هو مما يجرح صيامهم، ويلقى ظلالا من العبث على هذا، الجدّ الجادّ الذي هم فيه، الأمر الذي لا يتفق أوله مع آخره، ولا يلتقى فيه ليله مع نهاره.. وقد امتدّ هذا الشعور إلى الطعام والشراب كذلك، فتحرّج كثير منهم أن يستبيح لنفسه الطعام والشراب على امتداد الليل كله، وإنما الذي له هو أن يفطر فيما بين المغرب والعشاء، ثم يمسك بعد ذلك حتى مغرب اليوم التالي، بل إن كثيرا منهم كان لا يفطر، اليومين، والثلاثة، بل يواصل الصوم.
وعلى هذا فإن الموقف لم يكن واضحا أول عهد المسلمين بالصوم، بين الإنسان ونفسه، أو بين عزيمته وواقع أمره، ومعطيات تجربته، وخاصة فيما يتصل بالاتصال بالمرأة، إذ كيف يكون اتصال ولا يكون شىء من المداعبة والملاعبة؟ وكيف يكون فيها الجدّ وهى الغريزة الحيوانية التي لم يستطع الإنسان أن يستعلى عليها من غرائز الحيوان الكامن فيه؟ فإذا غلب الإنسان على أمره فى هذا الموقف ووقع منه ما لا بد أن يقع من عبث فى سكرة من سكرات نفسه، عاد فانتزعها من هذا الذي هى فيه من عبث، وحاول أن يردّها إلى الجدّ، وهذا فى الواقع خيانة للنفس، وسلب لحق من حقوقها الطبيعية، وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة فى قول الحق جلّ وعلا:«عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ، فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ» .
ولهذا جاء قول الله تعالى:«أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ» حاسما لهذا الموقف، رافعا عن الصائمين الحرج، فيما يقع بينهم وبين نسائهم من رفث.
وانظر فى قوله تعالى:«أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ» وفى قوله بعد ذلك: «هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ» تجد كيف ألقى سبحانه وتعالى على هذا الرفث ستارا جميلا رفيقا، يستر به ما يكون بين الزوجين