فى حال اتصالهما، فلا يطلع أحد على ما يكون بينهما، «هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ» أي ستر لكم كما يستر الثوب لابسه، «وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ» تسترون ما يكون منهن من رفث! وفى قوله تعالى: «عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ» بيان لتلك الحال التي كان يعانيها الصائمون من صراع بين الطبيعة النفسية الغالبة، وبين السموّ الروحي، الذي يريد أن يبلغه الصائمون بصيامهم، وأن يتجنّبوا الرفث الذي يقع بين الزوجين.
وفى قوله تعالى:«فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ» إظهار لرحمة الله بهم وفضله عليهم: إذ عاد عليهم برحمته، حين أطلق نفوسهم من هذا الحرج الذي كانوا يعيشون معه، فى همّ وقلق.
وفى قوله تعالى:«فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ» إشارة إلى إباحة اتصال الصائمين بنسائهم على الوجه الذي يكون بينهم فى غير أيام الصوم.
وإنك لتجد فى قوله سبحانه:«فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ» ما يشير إلى إيذان بصورة جديدة للصوم، على غير الوجه الذي كان قائما عليه..
وفى قوله تعالى:«بَاشِرُوهُنَّ» معنى غير الذي يعطيه «ارفثوا معهن» إذ المباشرة هى الاتصال المطلق الذي تحدد صفته حسب تصرف الإنسان، وحسب الحال الذي يكون عليه، وليس كذلك الرفث الذي يحمل معه عند المباشرة شيئا من اللهو والعبث.. فالأمر بالمباشرة إذ يعنى رفع الحرج، يعنى مع ذلك أن يلتزم الإنسان القصد والاعتدال، وأن يتألف هذا الحيوان الذي يكمن فيه، وأن يذكر فى تلك الحال أنه إنسان! وأما قوله سبحانه:«وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ» فيشير إلى ما ينبغى أن يكون مقصدا فى المباشرة بين الرجل والمرأة وهو طلب الولد، والأخذ