وقوله سبحانه:«سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» هو بيان للجزاء الذي أحذ به هؤلاء المعذّرون الذين كذبوا الله ورسوله، وأنهم جميعا من أهل الكفر، ولا مثوى للكافرين غير النار وعذاب السعير.
وحرف الجرّ فى قوله تعالى:«سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ» للبيان، لا للتبعيض.
فكل هؤلاء المعذّبين من الكافرين فليس فيهم كافر وغير كافر، بل كلهم كافرون.
أما أصحاب الأعذار الحقيقة فقد أغناهم الله سبحانه وتعالى عن أن يقفوا هذا الموقف، فعذرهم لله قبل أن يعتدروا، ورفع عنهم الحرج، فى قوله تعالى:
«لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ» فهؤلاء أصحاب أعذار ظاهرة، ينطق بها لسان الحال، قبل أن ينطق بها لسان المقال.. فالشريعة الإسلامية قائمة على اليسر، ورفع الحرج عن المؤمنين، فلا إعنات فيها، ولا مشقّة أو عسر فى تكاليفها.. «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها.»
فالضعفاء.. من شيوخ، وأطفال، ونساء، وعبيد وإماء، والمرضى وأصحاب العاهات المانعة من السفر والقتال- هؤلاء جميعا ومن فى حكمهم لا حرج عليهم فى أن يتخلفوا عن ركب المجاهدين، «إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» أي إذا كانت