للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلوبهم سليمة عامرة بالإيمان، تربط مشاعرهم بمشاعر المؤمنين المجاهدين فى سبيل الله.. فهم مع المجاهدين بمشاعرهم كلها. يدعون لهم بالنضر، ويتمنون لهم الغلب والسّلامة، ويخلفونهم فى أهلهم، ويقومون على رعاية أبنائهم وأزواجهم، وقضاء حوائجهم، ورفع الضرّ عنهم، ومواساة من أصيب منهم فى أب، أو أخ، أو زوج، إلى غير ذلك ممّا يبعث فى نفس المجاهد الطمأنينة، ويطلق يديه كليهما، ووجوده كلّه، للعمل فى ميدان المعركة، ومواجهة العدوّ..

وبهذا يكون المؤمنون جميعا فى ميدان المعركة. سواء منهم من شهدها وحارب فيها، أو من تخلّف، بما معه من عذر، ونصح لله ورسوله، فى سلوكه الطيب، مع من يخلّفهم المحاربون وراءهم من أهل وولد، وفى مشاعره المتجهة إلى المجاهدين فى ميدان القتال، والدعاء لهم بالنصر وتمنّيه لهم..

وقوله تعالى: «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» إشارة إلى أن هذا الذي يبدله المتخلفون من ذوى الأعذار، من نصح لله ورسوله، وراء جبهة القتال، هو غاية ما فى مستطاع هؤلاء المتخلفين، وهو ميدانهم الذي يكون لهم فيه عمل وإحسان.. «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» . فإذا أعطى المؤمن- فى باب الإحسان- ما وسعته نفسه، فهو فى المحسنين..

وقوله سبحانه: «وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» إشارة أيضا إلى أن الذي يوجّه نفسه للإحسان، ويعمل له، هو محسن، وإن قصّر فيما عمل، ولم يبلغ غاية الإحسان.. فرحمة الله واسعة، ومغفرته شاملة، يتقبل من المحسنين أحسن ما عملوا، ويتجاوز عن سيئاتهم، كما يقول سبحانه: «أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ» (١٦: الأحقاف) .

وقوله تعالى: «وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>