والمنافق لا يلبس أثواب النفاق إلّا إذا كان صفيقا، لا يعرف الحياء سبيلا إليه، ولو كان فى وجه المنافق شىء من الحياء، لما رضى لنفسه أن يلقى الناس بشخص غير شخصه، وبوجود غير وجوده! وليس هكذا شأن المؤمن بالله.. إنه بإيمانه بالله، واستناده إلى أقوى الأقوياء، لا يرى فى هذا الوجود قوة يخشى بأسها، أو يرهب سلطانها، مادام مستمسكا بالحق، مستقيما على طريق العدل والإحسان.. ورحم الله البوصيرى إذ يقول:
ومن تكن برسول الله نصرته ... إن تلقه الأسد فى آجامها تجم
فالاستنصار برسول الله، هو التمسك بالشريعة التي جاء بها صلوات الله وسلامه عليه، فذلك هو الإيمان بالله، والله سبحانه وتعالى يقول:«مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ..»
وهكذا، كل من استقام على طريق الحق، يجد من نفسه القوة التي تنأى به عن سفساف الأمور، وترفعه عن الدنايا، فلا يأتى ما يخلّ بالمروءة، أو يشين الشرف..!
وليس هذا فى الإنسان وحده، بل إنه فى عالم الحيوان.. فالحيوان الضعيف، يقوّى ضعفه بالاحتيال والمخادعة.. على حين أن الحيوان القوى يأخذ فى حياته خطّا مستقيما واضحا.. وشتان بين الثعلب، والأسد.. فذاك من ضعفه مخادع مخاتل، وهذا من قوته ظاهر واضح. ذاك يأكل الجيف ولا يعافها، وهذا يعفّ عن أن يلوّث فمه بالميتة وإن هلك جوعا..!
وأكثر من هذا، فإن عالم النبات يجرى على هذا الأسلوب من الحياة..
الشجرة القوية، الطيبة، لا تأوى إليها الهوام، ولا تندس فيها الحشرات.. على حين