أن الأشجار الواهية الضعيفة تكون مباءة للآفات، ومرتعا للحشرات والهوامّ..
وأكثر من هذا أيضا.. عالم الجماد تجد فيه هذه الظاهرة واضحة على أتمّها.. فالأرض الصلبة لا تشوّه وجهها الأخاديد والحفر..! والمرتفع من الأرض لا يكون مستودعا للمياه الراكدة، والمستنقعات.. وقمة الجبل لا تكون محطّا لخسيس الطير أبدا..
القوّة أبدا.. هى موطن السلامة والعافية، وهى مستودع الخير والحسن..
فإذا كانت القوة قوة منبعثة من إيمان يعمر القلب، ويغذّى الوجدان، كانت قوة كلّها خير، ورحمة، وإحسان.
والإيمان هو الزاد الذي يغذّى القوة الروحية فى الإنسان، ذلك الزاد الذي تتجمع عناصره من الأعمال الصالحة التي نمت فى ظل الإيمان، والتي تجمعها التقوى التي يقول الله سبحانه وتعالى فيها:«وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى» فهؤلاء المنافقون الذين ردّهم النبىّ والمؤمنون، وفضحوا ما جاءوا إليهم به من أعذار- هاهم أولاء يجيئون إلى النبىّ والمؤمنين بوجه آخر من وجوه نفاقهم، يجيئون بأعذارهم تلك التي كذّبها الله، وفضحها النبىّ والمؤمنون، فيزكّونها بالحلف كما يذكّى الذابح البهيمة بالذبح، بعد أن تموت وتتعفّن!! وماذا يريدون بهذا الحلف الكاذب؟
يريدون أن يقبل النبىّ والمؤمنون أعذارهم، وأن يصدقوا منهم هذا الكذب المفضوح، وبهذا يتحقق لهم أمران:
الأمر الأول: عدم فقدان الثقة فى أنفسهم، وفى تلك البضاعة التي يتعاملون بها، لأنه لا وجود لهم إذا أفلت من بين أيديهم هذا الزاد الذي يعيشون فيه، وبارت تلك البضاعة التي هى رأس مالهم فى الحياة..