قوله تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه قد جاء فى الآية السابقة ذكر الثلاثة الذين خلّفوا، وأن الله قد تاب عليهم، وعفا عنهم، وأنزلهم منازل رضوانه، وجعلهم معلما من معالم الثبات مع الحق والولاء له..
فأجرى لهم فى القرآن الكريم ذكرا، وجعل لهم فى العالمين قدرا..
وذلك كله بسبب أنهم أقاموا أنفسهم على كلمة الصدق، فلم يكذبوا على رسول الله، ولم يجيئوا إليه بأعذار ملفقة، بل جاءوا إليه يقولون قولة الحق على أنفسهم!.
فقالوا: يا رسول الله.. إننا لا عذر لنا فى تخلفنا عن الجهاد معك، فخذ لله ولك من أنفسنا وأموالنا ما تشاء! فكانت ثمرة صدقهم، هو هذا الذي انتهى إليه أمرهم..
فالدعوة إلى الصدق هنا وإلى التمسك به، دعوة تجد بين يديها المثل الواقع للخير العظيم الذي يناله الصادقون بصدقهم.. وإن احتمل الصادقون فى سبيل كلمة الحق شيئا من الأذى والضرّ، فى أول الأمر، فإن العاقبة دائما لهم، وهى عاقبة طيبة، مسعدة.. تهيىء لصاحبها الفوز والفلاح فى الدنيا والآخرة..