للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ» .

فى هاتين الآيتين عرض لبعض مشاهد يوم القيامة.. يوم يحشر الناس إلى ربّهم للحساب والجزاء.

وفى هذا المشهد، ينادى منادى الحقّ على المشركين: «مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ» .. أي الزموا مكانكم أنتم وشركاؤكم، لا تتحركوا حتى تحاسبوا على ما ارتكبتم من آثام..

وفى هذه الدعوة الزاجرة الصادعة ما يكشف عن وجه هؤلاء القوم، وأنهم مجرمون، قد ضبطوا متلبسين بجرمهم.. وهذه يد القصاص تمسك بهم، وتقيّدهم حيث هم، إلى أن يلقوا الجزاء الذي هم أهل له.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ» (٢٢- ٢٤: الصافّات) .

وفى موقف المساءلة والحساب، فرّق بين الفريقين: العابدين والمعبودين..

فأخذ كل فريق جانبا مواجها للآخر.. «فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ» أي فرقنا بينهم، وأصله من الزوال، وهو ذهاب الشيء واختفاؤه، ومنه وقت الزوال، وهو توسط الشمس فى كبد السماء، حيث يختفى ظل الأشياء فى هذا الوقت..

وقد جاء اللفظ القرآنى «زيّلنا» بدلا من اللفظ «فرقنا» .. لأن مع التفريق بقية أمل فى الاجتماع، أما التزييل، فهو غروب إلى الأبد، واختفاء لا ظهور بعده..

وفى هذا ما يزيد فى وحشة المشركين، الذين كانوا يستندون إلى من

<<  <  ج: ص:  >  >>