وكانت دارهم النعيم والرضوان، فإن القتر لا يطوف بهم، وإن الذّلة أبعد ما تكون عنهم..
فذكر هذا فى جانب المحسنين، هو تعريض بالكافرين، الذين سيرهق وجوههم القتر وتركبهم الذلة.. ثم هو- مع هذا- تذكير للمحسنين بالنعيم الذي هم فيه، والرضوان المحفوفين به، وأنهم فى عافية مما يحلّ بالكافرين من عذاب ونكال.
ذلك هو حساب الكافرين والمشركين وأصحاب الضلالات فى الآخرة، وذلك هو نزلهم يوم الدين.. وتلك هى دارهم يوم القيامة! - «جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها» .. كيلا بكيل، ومثقالا بمثقال..
- «وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ.. ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ» .. أي أنهم ينزلون منازل الهوان، والبلاء..
ثم هم مع هذا فى يأس قاتل، من أن تمتدّ إليهم يد تخفف عنهم ما هم فيه من عذاب ونكال.. «ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ» يعصمهم من هذا البلاء، ويحول بينهم وبينه.
- «كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً» .. قد كسفت وجوههم، وعلتها غبرة، ترهقها قترة، حتى لكأنما غمست هذه الوجوه فى قطعة من الليل- فى ليلة حالكة السواد، لا يطلع فيها قمر، ولا يلمع فيها نجم، فكانت- لما علاها من غبرة- كأنما قدّت من هذا الليل البهيم.