وثانيا: إفراد السّمع وجمع الأبصار.. ما دلالة هذا؟ وما السرّ الذي ينطوى عليه؟
والمتتبع لآيات الله، التي تتحدث عن السمع والبصر، يجد أن القرآن الكريم قد فرّق بين السمع والبصر، فى الصورة التي عبّربها عن كل منهما.
فأما عن السّمع.. فقد التزم فيه القرآن الكريم الإفراد مطلقا، سواء اقترن به البصر أم لم يقترن.. وسواء أجاء منكّرا، أو معرفا بأل أو بالإضافة..
ولم يقع فى القرآن مجىء السّمع جمعا فى أي حال من أحواله.. ولم يرد فى القرآن لفظ «الأسماع» أبدا..
يقول الله تعالى:«الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً»(١٠١: الكهف) .. ويقول سبحانه:«وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً»(٢٦: الأحقاف) ويقول تعالى: «وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ»(٢٣: الجاثية) ويقول جلّ وعلا: «فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ»(٢٦: الأحقاف) ويقول تبارك وتعالى: «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ»(٤٦: الأنعام) .
ويلاحظ فى الآيات القرآنية التي ورد فيها «السمع» أنه يقترن دائما بالبصر، أو الأبصار، فإن لم يقترن بهما اقترن بحال من أحوال الإنسان التي يكون فيها فى ذهول وغفلة وشرود.. كما فى قوله تعالى:«هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ»(٢٢١- ٢٢٣: الشعراء) وقوله سبحانه: