للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ» (٣٧: ق) .. فالقلب هنا يقوم مقام البصر، فى كشف معالم الطريق إلى الهدى والنور.. وقوله سبحانه: «الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً» (١٠١: الكهف) فالعيون التي فى غطاء عن ذكر الله، هى العيون التي لا تتصل معطياتها بعقل أو قلب، وهى الأبصار المعطلة التي لا تعمل! وأما عن البصر.. فقد عبّر عنه القرآن بصيغة الإفراد، وبصيغة الجمع..

وذلك فى حال إفراد البصر بالذكر دون أن يقترن به السمع.

فقد جاء البصر مفردا مثل قوله تعالى: «ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى» (١٧: النجم) وقوله سبحانه: «وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ» (٥٠: القمر) وقوله جلّ شأنه: «ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ» (٤: الملك) وجاء البصر جمعا، غير مقترن بالسمع، كقوله تعالى: «وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ» (١٠: الأحزاب) وقوله سبحانه:

«فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» (٤٦: الحج) .. وقوله: «فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ» (٢: الحشر) .

كذلك جاء البصر جمعا مقترنا بالسّمع، مثل قوله تعالى: «وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ» (٢٣: الملك) وقوله جل شأنه: «وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ» (٧٨: المؤمنون) وقوله سبحانه:

«قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ» (٤٦: الأنعام) .

وهكذا جاء وضع السمع فى كلام الله، مخالفا بينه وبين البصر.. حيث يجىء السّمع مفردا دائما، ويجىء البصر مفردا وجمعا.. وأكثر ما يجىء البصر

<<  <  ج: ص:  >  >>