وفى هذا يقول سبحانه وتعالى:«فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ»(٢: الحشر) ويقول سبحانه: «إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ»(١٣: آل عمران) ولهذا اشتقّ القرآن من البصر: البصيرة.. والبصائر.. والتبصرة، فقال تعالى:«بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ»
وبعد، فما أرانا بعد هذا الوقوف الطويل على ساحل هاتين الكلمتين..
«السمع والأبصار» - ما نرانا إلّا قد حسونا حسوة من هذا المورد المتدفق العذب، تنقع الصدى، ولا تشفى العليل.. وذلك هو جهد من قصر باعه، فمن كان ذا باع فليرد، وليرتو، وليرو الظّماء! فهذا مورد لا يغيض!.
الإشارة هنا:«فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ» إلى الناس جميعا، مؤمنهم، وكافرهم، ومشركهم.. تلفيهم إلى الإله الحق. الذي خلق فسوّى.. ثم نخلص الإشارة بعد هذا إلى الكافرين والمشركين الذين ضلّ سعيهم، وتنكبوا عن طريق الحق، وركبوا طرق الضلال.. فتنخسهم نخسة موجعة بهذا الاستفهام الإنكارى:
فماذا بعد الانصراف عن الإيمان بالله، والتعبد له- ماذا بعد هذا إلا ركوب الضلال، والضرب فى المتاهات، والتعبّد لكل باطل وبهتان: «فَأَنَّى