ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الرحمة المهداة إلى عباد الله، والقرآن الكريم هو الينبوع الذي تفيض منه الرحمة، وتنبعث من آياته وكلماته الأضواء والأنوار.. ومع هذا، فقد وقف المشركون من هذا النبي الكريم، ومن الكتاب الذي أوحى إليه من ربه- وقفوا موقف العناد، والعداء له، والتكذيب به، والافتنان فى سوق الضرّ والمساءة إليه.
وهذه الآية، تدفع عن القرآن الكريم، تلك الرّميات الطئشة، التي يرمى بها المشركون بين يديه، ويقولون عنه إنّه من مفتريات «محمد» ومن منقولاته عن الأحبار والكهّان، كما ذكر ذلك عنهم فى كثير من الآيات، كقوله تعالى:«وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ»(١٠٣: النحل) وقوله سبحانه: «وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا»(٥: الفرقان) - وفى قوله تعالى:«وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ» إنكار واستبعاد أن يكون هذا القرآن من مفتريات مفتر، واختلاق مختلق.. إذ أن الافتراء والاختلاق هو تزييف للحقيقة، وتمويه للحق..
والشيء المفترى المختلق- أيّا كانت براعة المفترى، وذكاء المختلق- هو ضعيف هزيل، لا يثبت للنظر، ولا يصمد للزمن، بل سرعان ما يتعرّى ويفتضح..
وفى الإشارة إلى القرآن بقوله تعالى:«هذَا الْقُرْآنُ» تنويه به، وتمجيد له، وإلفات إلى علوّ منزلته، وتفرّده بهذه المنزلة التي لا يشاركه فيها مشارك.
- وفى قوله سبحانه:«مِنْ دُونِ اللَّهِ» إشارة إلى استبعاد أن يكون هذا القرآن من صنعة إنسان، ومن وحي خاطره، وتلقّيات مدركاته أو أوهامه.. وأنه حتّى لو كان مفترّى- كما يتخرّص المبطلون- فإنه مع