للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا- فوق مستوى البشر، وأنه ليس فى مستطاع القوى البشرية كلها- متفرقة أو مجتمعة- أن تفترى مثله.. وأن من قدر أن يفترى مثله فلا بد أن يكون على صلة بقوة إلهية، تمدّه، وتعينه، على ما يفتريه، حتى يكون افتراؤه على هذا المستوي الذي يتخاضع بين يديه صدق الصادقين، وتصغر فى حضرته حقائق المحقّين! فكيف وهو الحقّ من ربّ العالمين.. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. تنزيل من حكيم حميد؟

- وقوله تعالى: «وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» - هو معطوف على المصدر الواقع خبرا لكان فى- قوله تعالى: «وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ» أي وما كان هذا القرآن مفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه.

والعطف بالحرف «لكن» يجعل حكم ما بعدها مغايرا ومضادّا لما قبلها.

والذي بين يدى القرآن الكريم، هى الكتب السّماوية التي تقدمته فى الزمن، وهى التوراة والإنجيل.

وتصديق القرآن الكريم للكتب السماوية السابقة، هو أنه يشهد لها بأنها من عند الله، ويؤيد الحق الذي جاءت به، من الدعوة إلى الله، والإيمان به، وبما تدعو إليه من فضائل.. فهى جميعها من مصدر واحد.. قد جمع القرآن الكريم ما تفرّق منها.. كما يقول الله سبحانه: «وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ» (٤٨: المائدة) والكتاب الذي جاء القرآن الكريم مفصّلا له، هو الكتاب «الأمّ» فى اللوح المحفوظ.. الذي صدرت عنه الكتب السّماوية جميعها، فهو من تفصيل هذا الكتاب، ومن محكمه.. كما يقول سبحانه وتعالى: «وَلَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>