عليهم أهواؤهم ونزعاتهم، فلا يلقون الأمور بعقولهم، ولا يزنونها بأحلامهم، وإنما يلقونها بأهوائهم المسلطة عليهم، ويزنونها بما يقع لأيديهم منها، من نفع ذاتى عاجل.. فإذا لم يستقم الأمر على ميزانهم هذا، تنكروا له، وأنكروه، من قبل أن يعلموا ما هو؟ وما الصفة التي يقوم عليها؟
- وفى قوله تعالى:«وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ» - إشارة خاصة إلى القرآن الكريم، وأنه ليس من عوارض الأمور، التي يفرغ المرء من حسابه معها فى نظرة عابرة، أو لمسة طائرة.. وإنما هو آيات الله، قد أودعت فى حروفه وكلماته وآياته، أسرار هذا الوجود، ونظام هذا العالم، وملاك أمر هذا المجتمع الإنسانى، ومناهج سعيه المستقيمة.
وإذا كان هذا هو شأن القرآن الكريم، فإنه- لكى يتعرف الإنسان عليه، ويقع على بعض ما فيه من أسرار- يجب أن يقف المرء طويلا معه، وأن يعطيه ملكاته كلها، وبهذا يعرف ما هو هذا القرآن الذي يسمعه، ويدرك طعم هذا الثمر الذي يتدلّى عليه من أغصانه وأشجاره..
أما النظرة الحمقاء الشاردة العجول، أو النظرة الجامدة الباردة العمياء.
فلن تنال شيئا، ولن تبلغ غاية، تحصّل بها شيئا من هذا الخير الكثير..
وهذا هو السر أو بعض البسر- فى «لمّا» التي تفيد امتداد الزمن وتراخيه حتى يقع الحديث الذي يجىء من الفعل الوارد عليه هذه الأداة «لمّا» التي تفيد التراخي والامتداد فى الزمن المستقبل.
والصورة هنا هكذا:
إن هؤلاء المشركين من شأنهم أن يواجهوا الأمور بعواطفهم ونوازع أهوائهم، فيدفعوا كل أمر لا يلتقى مع أهوائهم، ولا يستجيب لمنازعهم..