فجاء الاستماع مسندا إلى الجمع، على حين جاء النظر مسندا إلى المفرد..
وفى هذا إشارة إلى أن الذي يستخدم حاسة السمع لا بد أن يدانى الذي يتحدث إليه، وأن يقترب منه بحيث يسمع ما يقول..
أما الذي يستخدم حاسة النظر، فقد ينظر من بعيد، بحيث لا يظهر لمن ينظر إليه..
وإذا كان النبي هو الذي يتلو القرآن على الناس، ليبلّغهم ما أنزل إليه من ربه، فإن ذلك من شأنه عادة أن يكون بمحضر من أعداد كثيرة من المستمعين، ولهذا جاء النظم القرآنى:«وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ» .. محدّثا عن هذا العدد الكثير، أو القليل، الذي يستمع إلى النبىّ..
وليس كذلك الحال فى مجال النظر إلى ما مع النبي من آيات ربه.. أو النظر إلى النبىّ ذاته، فى أحواله ومسلكه فى الحياة..
فإن النظر فى آيات الله، هو نظر يستقل به المرء وحده، ويورد عقله وقلبه على ما سمعه أو قرأه منها.. حتى يرى لنفسه الطريق الذي يأخذه مع تلك الآيات.. مصدقا، ومستجيبا، أو مكذبا، ومنابذا.. وكذلك النظر فى أحوال النبىّ، ودراسة شخصيته.. ولهذا جاء النظم القرآنى:«وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ» .. مشيرا إلى ما كان من بعض المشركين من نظر وتفكير، فى آيات القرآن التي استمعوا إليها.. ولكنه نظر بعيون كليلة، وتفكير بقلوب مريضة، فلم تهتد إلى حق، ولم تمسك بخير..