للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم ما أنذرهم به من قبل، وأغرقهم الله بالطوفان، ونجّى نوحا ومن معه، وجعل هؤلاء الذين نجوا، خلائف فى الأرض من بعدهم.. إذ كانوا هم البقية الباقية من هؤلاء القوم الهالكين.

وقدم هنا نجاة نوح ومن معه، ووراثتهم الأرض من بعد قومهم الهالكين- قدّم ذلك على هلاك القوم، خلافا للظاهر الذي يقضى به قوله تعالى «فكذبوه» إذ المتوقع هنا هو الإجابة على هذا السؤال: ماذا كان جزاؤهم إذ كذبوه؟ وهذا سؤال يسأله المؤمنون الذين ينتظرون ما يحل بالمكذبين، فكان الجواب المنتظر هو «فأغرقناهم» ولكن الإجابة جاءت على سؤال يسأله الذين يكذبون بآيات الله، ويحادّون رسل الله.. فيقولون: وماذا جرى لنوح والمؤمنين بعد أن كذّبه قومه، وأبعدوه من بينهم؟ فجاء الجواب: لقد نصره الله ومن معه، ونجاهم، وأورثهم أرض القوم المكذبين وديارهم.. فموتوا بغيظكم أيها المكذبون، فإن رسل الله وأولياءهم المنصورون، وهم الفائزون المفلحون..

أما المكذبون فلهم الويل والخزي فى الدنيا والآخرة..

- وفى قوله تعالى: «فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ» إلفات للمؤمنين والمكذبين جميعا، إلى ما حل بهؤلاء المنذرين الذين أنذرهم نوح، وخوفهم عذاب الله ونقمته، فأبوا أن يسمعوا له، وأن يطلبوا النجاة لأنفسهم، وأن يمسكوا بحبل الإيمان بالله، وأن يركبوا فلك النجاة بالاعتصام به.. فهلكوا.

وتلك هى عاقبة كل مكذب برسل الله، مجانب لهم، مخالف لدعوتهم التي يدعونهم إليها.. فليسمع مشركو قريش هذا، ولينتظروا ما سيحل بهم إذا هم لم يستجيبوا لرسول الله، ولم يأخذوا معه السبيل إلى الله..

قوله تعالى: «ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ» ..

<<  <  ج: ص:  >  >>