فهو أولا، قد استحق البشرى بهذا الولد، لأنه من أهل الله، وأنه حليم، أوّاه، منيب.
وهو ثانيا.. يسأل الله أن يلطف بقوم لوط، وأن يدفع عنهم هذا البلاء الموجّه إليهم.. لأنه حليم أواه منيب.. فهو إذ يرى فضل الله عليه، ورحمته به، يريد أن يكون للناس من حوله نصيب، من هذا الفضل، وحظ من تلك الرحمة..
ولكن لله سبحانه وتعالى حكمة فى عباده.. يختص برحمته من يشاء..
- وفى قوله سبحانه:«فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ» وفى جعل جواب «لمّا» فعلا مضارعا بدلا من الفعل الماضي الذي يقتضيه السياق- فى هذا إمساك بإبراهيم، وهو فى موقف المجادلة ليتلقّى وهو فى هذا الموقف، الأمر الذي وجهه إليه ربه، بالإعراض عما هو فيه، من مجادلة عن هؤلاء القوم، ودفاع عن جرمهم، وهذا ما جاء فى قوله تعالى:
والتقدير: فلما ذهب عن إبراهيم الروع، أي الخوف، وجاءته البشرى، ها هو ذا يجادلنا فى قوم لوط!! وفى هذا إنكار على إبراهيم أن يقف فى هذا الموقف، فيجادل عن قوم قد بلغوا من السوء ما أنكرته الأرض عليهم.
ثم لا يكاد إبراهيم يأخذ فى المجادلة حتى يجيئه أمر الله:«يا إبراهيم.. أعرض عن هذا» .
ولو جاء جواب «لمّا» فعلا ماضيا هكذا «جادلنا» لما كان لهذا الأمر،