للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصرف العقلاء فتسجد له، وتظهر له الولاء والتعظيم، وهذا لا يكون إلا من فعل العقلاء!. إنها تلبس صورة أبويه وإخوته.. فهى بشر فى صورة كواكب! قوله تعالى: «وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» .. هو من تمام كلام يعقوب فى تأويل رؤيا يوسف، أي كما بدأ الله بلطفه بك، وتكريمه إياك صغيرا، فإنه سيتولاك برعايته، ويفيض عليك من نعمه كبيرا، فيجتبيك، أي يختارك ويصطفيك للرسالة والنبوّة، «وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ» أي يكشف لبصيرتك خفايا الأمور وعواقبها فيما تشتمل عليه الأحاديث المتشابهة، وهى التي لا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون فى العلم، كالرؤى المناميّة ونحوها.. وقد بينا ذلك فى تفسير الآية الكريمة: «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ.. فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» (٧: آل عمران) وقد جاء فى السورة حدثان، كشف فيهما يوسف عن المضمون الذي اختفى وراء الصورة التي جاءا عليها فى الرؤيا المنامية، كما سنرى ذلك بعد، فى رؤيا صاحبيه فى السجن، وفى رؤيا فرعون.

- وفى قوله تعالى: «وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ» إشارة إلى أنه سبحانه سيختاره للنبوة، وهذا هو تمام النعمة، وكما لها لمن أنعم الله عليهم من عباده، وكذلك سيكون إخوته «آل يعقوب» أنبياء، كما كان أبواهم إبراهيم وإسحق نبيّين..!

- «إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» أي بعلمه سبحانه يعلم أولياءه المستحقين لاصطفائه، كما يقول سبحانه: «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ» (١٢٤: الأنعام)

<<  <  ج: ص:  >  >>