سألوا عن أخبارهم.. إما سؤال امتحان للنبىّ، وتحدّ له..
وإما سؤل تعلّم واستزادة من معرفة، وها هوذا القرآن قد جاء بالحق لمن يطلب العلم ويرتاد المعرفة.. أما من أراد الامتحان والتحدي فلن تزيده هذه الآيات إلا ضلالا، وإلّا عمى إلى عمى..
والسؤال هنا: كيف يجىء القرآن الكريم بهذا الحكم: «لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ» ، ولم يكن قد ذكر شيئا عن يوسف وإخوته؟ أليس من المنطق أن يكون هذا الحكم فى أعقاب القصّة؟
ونعم إنه المنطق.. ولكنه منطق البشر، الذين لا يحكمون على أفعالهم إلا بعد أن ينكشف لهم وجهها، وتأخذ مكانها فى واقع الحياة بينهم.. أما الله سبحانه وتعالى، فعلمه محيط بكل شىء، فما لم يقع منه فى نظرنا، هو واقع فى علم الله، وما سيقع بعد آلاف السنين وملايينها هو واقع فى هذا العلم الشامل الكامل..
فقصّة يوسف قبل أن يعرضها القرآن الكريم، هى واقعة فى علم الله الأزلىّ على الصورة التي ذكرها القرآن، فكان حكمه عليها حكما على أمر واقع!.
وهذه شهادة من شهادات كثيرة، تشهد بأن منزّلّ القرآن هو عالم الغيب والشهادة، وأنه ما كان لبشر أن يجد الشعور الذي يملى عليه هذا الحكم، الذي يسبق الحدث قبل أن يحدّث به، ويستوفى عرضه، ويضبط آثاره فى الناس!.