للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا تتّهم، وتحكم فى التهمة، فلا تدع لزوجها فرصة للتفكير فيما ينبغى أن يواجه به هذه الموقف.. فها هوذا الحلّ حاضر بين يديه، لا يحتاج منه إلى تفكير! - وفى قولها: «مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً» إشارة إلى أن الأمر لم يجاوز حدّ الرغبة والإرادة.

- وفى قولها «بِأَهْلِكَ» بدلا من قولها «بي» لتضيف نفسها إلى العزيز، فتثير عاطفته نحوها، على حين أنها تغريه بهذا الذي اعتدى على العزيز فى أهله! «قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي.. وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها.. إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ» .

وكان ردّ يوسف على هذا الاتهام الجريء له، قوله: «هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي» .. ففى هذه الكلمات القليلة المستغنية بصدقها عن كل قول، دفع يوسف التهمة الظالمة التي رمى بها.. وهكذا شأن أصحاب الحقّ، يجدون فى الكلمة المرسلة على طبيعتها من غير حلف أو توكيد، ما يغنى عن كل قول.. وليس كذلك شأن أصحاب الزور والبهتان.. إنهم يكثرون من الثرثرة واللغو، ويبالغون فى الأيمان الكاذبة الفاجرة، ليداروا هذا الباطل الذي يجرونه على ألسنتهم، وليبعثوا فيه شيئا من الحرارة والحياة! - قوله تعالى: «وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها» .. هو جملة حاليّة، جاءت مصدقة لقول يوسف: «هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي» .. أي قال هذا القول الذي صدّقه الحال، والذي استدل به العزيز على صدق يوسف وكذبها..

وقد اختلف المفسرون فى هذا الشاهد الذي شهد.. فقالوا إنه طفل،

<<  <  ج: ص:  >  >>