.. هذا هو موقف النبىّ، بعد أن يبلّغ رسالة ربّه.. فليكفر من يكفر.. أما هو فمؤمن بربّه، الذي لا إله إلا هو، وهو متوكل عليه، لا يلتفت إلى غيره، ولا يطمع فى ثواب إلا منه.
هو توكيد لهذا الكفر الذي انطبع فى قلوب أولئك الكافرين، الذين كلما تليت عليهم آيات «الرحمن» لجّ بهم العناد، والضلال.. فلم يزدادوا إلا كفرا على كفر، وضلالا إلى ضلال..
فلو نزل عليهم قرآن، تخرج منه آيات مادية محسوسة، من تلك الآيات التي كانوا يقترحونها على النبىّ، فتسيّر بهذا القرآن الجبال، أو تقطع به الأرض، أو تتفجر به العيون، أو يبعث به الموتى من القبور، وينادون فيجيبون- لو نزل عليهم قرآن يرون منه رأى العين هذه الآيات، لما آمنوا، ولما أخذوا موقفا غير هذا الموقف المنحرف الضلال الذي هم فيه..
والجواب- والله أعلم- هو أنه لما كان ضلال هؤلاء المشركين وعنادهم قد بلغ الغاية فى هذا الباب، بحيث تنطق شواهده، وتشهد وقائعه، بأن القوم ليسوا طلّاب حقيقة، وإنما هم أصحاب مماحكات وجدل- لمّا كان هذا هو شأن القوم