- وفى قوله تعالى:«مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ» .. إشارة إلى أن هذا العرض ليس للجنة، فى ذاتها، وإنّما هو عرض لجنّة تشبهها.. إذ أن الجنّة التي أعدها الله للمؤمنين المتقين من عباده، لا يمكن وصفها لنا، إذ لا شىء مما فى دنيانا هذه، يشبه أشياءها.. كما ورد فى الأثر:«فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» .. فاشباه الجنة غير واقعة فى فهمنا أو تصورنا، ومن ثمّ لم يكن للكلمات التي نتعامل بها مجال، لتصوير ما لا نفهمه ولا نتصوره..
فكان الحديث عنها بعرض صورة تشبهها، هو أقرب شىء ممكن أن نتمثل فيه صورة لها..
- وقوله تعالى:«مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ» .. مبتدأ، وخبره محذوف، موصوف، بقوله تعالى:«تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ» .. أي هى جنة تجرى من تحتها الأنهار.. والتقدير على هذا:«مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ» مثل جنّد «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ.. أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها» .. فهذه الجنة التي تشبه جنة الآخرة موصوفة بصفتين.. تجرى من تحتها الأنهار.. وأكلها دائم وظلّها.. أي ثمارها دائمة لا تنقطع أبدا، كما تنقطع ثمار الدنيا، وظلّها دائم، أي مورقة مخضرة دائما، لا تتغيّر كما تتغير أشجار الدنيا على مدار الفصول..
وقوله تعالى:«تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ» تأكيد للوعد لذى وعده الله المتقين بهذه الجنة فى قوله تعالى: «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ» فهى لهم وحدهم، على حين أن للكافرين النار.. فكل ينزل الدار التي هو أهل لها..