والسؤال هنا: كيف كان يفرح أهل الكتاب بما أنزل على النبي؟
وإذا كانوا على تلك الصفة فلماذا لا يؤمنون به، ولا يستجيبون له؟ بل لماذا كانوا حربا عليه، وحزبا مع المشركين على الكيد له؟
والجواب على هذا من وجوه:
أولا: أن هذا كان فى أول الدعوة الإسلامية، وكان أهل الكتاب يرصدون مطلع النبىّ، وينتظرون ظهوره.. فلما ظهر النبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- توقعوا أن يكون مبعوثا إليهم، وإن كان من العرب، وانتظروا فى تلهف ما ينزل عليه من آيات.. وإذ كان ينزل على النبىّ من آيات الله- فى أول الدعوة- هو دعوة إلى الإيمان بالله، والانخلاع عن عبادة الأصنام- فإن أهل الكتاب، لم يروا فى هذا ما يضيرهم، أو يعارض الدين الذي هم عليه.. فكانوا لذلك يستبشرون بما ينزل على النبىّ فى تلك المرحلة من الدعوة، فلما أن دكّ الإسلام حصون الشرك، وهدم معاقله، والتفت إلى أهل الكتاب، وخاصة اليهود، كان منهم هذا الموقف اللئيم المخادع الذي وقفوه من النبىّ الكريم، ورسالته..
وثانيا: أن فى القرآن الكريم ذكرا لليهود والنصارى.. وهذا الذكر منه ما هو فى مقام المدح لهم، ومنه ما هو فى مقام الذمّ لمخازيهم، والفضح لنفاقهم..
فاليهود مثلا، كانوا يسمعون ما نزل على النبىّ مثل قوله تعالى:«فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ»(٩٤: يونس) وقوله تعالى: «يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ