للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يبلغ رسالة ربّه، ويدع حساب المبلّغين لله سبحانه، فهو- جل شأنه- الذي يتولى حسابهم وجزاءهم.

قوله تعالى: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ» المراد بنقص الأرض، ما يطرأ عليها من تغيير وتبديل، وما يصيب الناس فى أرزاقهم وأعمارهم.. وإذا كان الذي يحدث فى الأرض من نقص يحدث إزاءه ما يقابله من زيادة، إلا أن الأمر الذي أريد الإلفات إليه هنا هو ما يحدث من نقص، فى الأموال، والأنفس، والثمرات، إذ كان ذلك هو الذي يهتمّ له الإنسان أكثر من اهتمامه لجانب الزيادة، وإذ كان المقام هنا مقام تهديد بنقم الله، حيث يرى المشركون والكافرون هذه الغير، وتلك الجوائح التي تقع هنا وهناك فى أطراف الأرض، وأنها ليست بعيدة عنهم، ولا هم بمأمن منها..

- «وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ» أي أنه سبحانه إذا أراد أمرا نفذ، دون أن يعترض عليه معترض، أو يفلت منه مطلوب له: «وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ» (١١: الرعد) - «وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ» أي أنه سبحانه وتعالى بقدرته ممسك بكل شىء، عالم بكل شىء. لا يشغله شأن عن شأن، ولا حساب أحد عن أحد، فلو أراد سبحانه حساب الناس جميعا فى طرفة عين لكان ذلك كما أراد! قوله تعالى: «وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ» - هو تهديد لهؤلاء المشركين والكافرين، الذين تصدّوا للنبىّ، وآذوه، وبهتوه وكذّبوا به.. وكان لهم فى هذا مكرهم وتدبيرهم.. ولكن أين يقع هذا المكر والتدبير من مكر الله

<<  <  ج: ص:  >  >>