للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: «جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ» - هو بيان لنبأ هؤلاء الأقوام، وعرض لأخبارهم، وكشف لمواقفهم من رسلهم..

ويلاحظ أنهم أدرجوا جميعا فى ثوب واحد، لا فرق بين سابقهم ولاحقهم، حتى لكأنهم جماعة واحدة، التقت برسول واحد.. وذلك لما كان منهم جميعا، من خلاف على رسلهم، وإعنات لهم، ومكر بهم.. وكذلك الرسل، هم أشبه برسول واحد، إذ كانت محامل رسالتهم واحدة، وهى الدعوة إلى الإيمان بالله، والاستقامة على الهدى..

فالرسل قد جاءوا إلى أقوامهم بالآيات البينات، التي تحدّث عن صدق رسالاتهم، وأنها منزلة من عند الله، وأنهم رسل الله المأمورون بتبليغها إلى من أرسلوا إليهم.

أما المرسل إليهم- على اختلاف أزمانهم وأوطانهم- فإنهم ردّوا أيديهم فى أفواههم، وقالوا: «إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ..»

تلك هى قولة أولئك الأقوام، وذلك هو ردّهم على الدعوة التي دعوا إليها من رسلهم..

- «فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ» وذلك كناية عن أنهم سدّوا على الرسل منافذ القول، فلم يدعوهم يبلغون رسالات ربهم، بل قعدوا لهم بالمرصاد، كلما همّوا بأن ينطقوا بدعوة الحق، تصدّى لهم السفهاء، والحمقى من أقوامهم، يسخرون، ويهزءون، ويلغون ويصخبون، فكأنهم بهذا قد وضعوا أيديهم على أفواه الرسل، وحالوا بينهم وبين أن ينطقوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>