للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشكّون فينا، فهل تشكون فى الله، وفى وجوده، وهو الذي خلق السموات والأرض؟ .. إن الشكّ فينا هو شك فى الله، إذ أن دعوتنا هى دعوة إلى الإيمان بالله، والإقرار بوحدانيته.. وأنه إذا لم يكن لكم فى الآيات التي بين أيدينا ما يدعوكم إلى صدقنا، ففى هذه الآيات الكونية، وفى خلق السموات والأرض ما يدلكم على وجود الخالق، وعلى تفرده بهذا الوجود.. ومن ثمّ فليس من العقل أن تنكروا دعوتنا.. هذا إذا كانت لكم عقول تعقل وتتدبر! - وفى قوله تعالى: «يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» هو إغراء لهؤلاء المكذبين بالرسل أن يستجيبوا لله، وأن يقبلوا دعوته التي يحملها إليهم رسله، فإنه- سبحانه- لا يدعوهم إلا إلى خير.. إنه يدعوهم ليغفر لهم من ذنوبهم، وليؤخرهم إلى أجل مسمّى فلا يعجّل لهم العذاب، الذي لا بدّ هو واقع بالمكذبين فى غير مهل، إن هم أصرّوا على ما هم عليه من كفر وضلال، بعد أن جاءهم من الله هذا البلاغ المبين..

- وفى قوله تعالى: «مِنْ ذُنُوبِكُمْ» إشارة إلى أن هؤلاء المدعوّين، هم كتل متضخمة من الذنوب، وأنهم لن يستجيبوا جميعا لدعوة الرسل، وإنما الذي يستجيب منهم هو بعض قليل، وهم الذين يغفر الله لهم ذنوبهم.. فالذى سيغفر من ذنوب هؤلاء الأقوام، هو بعض من هذه الذنوب.. وعلى هذا، فليبادر كل واحد منهم إلى الإيمان بالله، ليكون فيمن يغفر الله لهم، وألا يكون فى المتخلفين الضالين..

«قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ» .

هى قولة من فم واحد، تلقّاها القوم خلفا عن سلف: «إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا» - فهذه أول تهمة يتهم بها الرسل من أقوامهم، وإنهم لن يكونوا

<<  <  ج: ص:  >  >>