للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ»

.. فدعا بالرزق لمن آمن، دون من لم يؤمن.. وقد أجابه الله سبحانه، بأنه لن يحرم أحدا رزقه فى هذه الدنيا، فهو سبحانه سيرزق من آمن، ومن لم يؤمن، فهذا الرزق هو متاع قليل، هو متاع الحياة الدنيا..

ولن يحرم الكافر حظّه من هذا المتاع.. أما جزاء كفره فسيلقاه فى الآخرة:

«قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» ففى أبناء إبراهيم إذن.. مؤمنون، ومشركون.. هكذا كان، وهكذا يجب أن يكون، تحقيقا لقوله تعالى: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ» ..

وهنا سؤال.. وهو:

لماذا ذكر إبراهيم البلد الحرام مرة منكّرا هكذا: «بَلَداً آمِناً» ومرة معرفا «البلد آمنا» ؟

والجواب على هذا- والله أعلم- هو أنه قد كان لإبراهيم- عليه السلام- كما يحدّث التاريخ- أكثر من رحلة إلى البيت الحرام: الرحلة الأولى حين هاجر بإسماعيل وأمه، وأنزلهما هذا المنزل، وأقام هو وإسماعيل قواعد البيت الحرام.. وفى هذا الوقت لم يكن البلد الحرام قد ظهر إلى جوار البيت الحرام، وإنما كان شيئا مطويا فى عالم الغيب لم يولد بعد، ولهذا كان دعاء إبراهيم له:

«رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً» .. أي اجعل هذا المكان بلدا آمنا.. ثم بعد زمن، عاد إبراهيم إلى هذا المكان مرة أخرى، فوجد حول البيت الحرام قبائل قد نزلت على ماء زمزم مع إسماعيل، ومنها قبيلة جرهم التي أصهر إليها إسماعيل وتزوج منها.. ولهذا كانت دعوته الثانية لهذا البلد فى مواجهة بلد قائم فغلا، فأشار إليه إبراهيم إشارة إلى شخص قائم أمام عينيه: «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً» !

<<  <  ج: ص:  >  >>