وهكذا يعمى الضلال أهله، ويلقى بهم فى ظلمات المهالك، فلا يخرجون من مهلكة إلا إلى مهلكة..
فلقد أبت على إبليس شقوته إلّا أن يشرب كأس اللعنة إلى آخر قطرة فيها.. فطلب إلى ربه أن يمدّ له فى أجله، وألا يعجّل له العذاب قبل يوم القيامة، وذلك ليثأر لنفسه من هذا الإنسان الذي كان سببا مباشرا فى طرده من رحمة الله، وإلباسه لباس اللعنة.. بل وربما حدّثت هذا الشقىّ نفسه أن يتحدى الله، وأن يحاجّه فى آدم، وفى أنه أفضل منه، وأن امتناعه عن السجود له، كان عن حق، وأنه خير من هذا المخلوق، وما كان للأعلى أن يسجد للأدنى!! هكذا يبلغ الغرور بهذا الأحمق المغرور، فيقيم نظره كله على آدم، ولا ينظر إلى الله سبحانه، ولا يقع فى تصوره أن الله سبحانه هو الذي أمره بالسجود، وأنه ينبغى للمخلوق أن يمتثل أمر الخالق، دون مراجعة أو اعتراض! ولو كان هذا اللعين قد نظر إلى نفسه، ولم يعمه الحقد الأعمى- لكان له فى باب الرجاء عند الله متسع، ولكان طلبه من الله أن يؤخره إلى يوم الدين، التماسا للعافية من هذا البلاء الذي نزل به، فيرجع إلى الله من قريب، ويستغفر