للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذنبه، فيجد ربّا غفورا يقبل توبة التائبين، ويكفر عنهم من سيئاتهم..

ولكنه أبى إلا أن يهلك نفسه، فى سبيل إهلاك غيره، وإشباع شهوة الانتقام من عدوّه..

: «قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» .

الإغواء: الإضلال، بتزيين القبيح، والإغراء به.

وبهذا القسم يتحدى إبليس أبناء آدم، ويلقاهم على طرق الضلال، فيغويهم بركوبها، ويغريهم بمتابعة خطوه عليها، ويمنّيهم الأمانىّ الكاذبة التي تلقى بهم بين يديه! فالباء فى قوله تعالى: «بِما أَغْوَيْتَنِي» هى باء القسم، والتقدير: يحق ما أغويتنى: أي أضللتنى «لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ» أي لأفتننهم بما على الأرض من أشياء، أزينها لهم، وأغريهم بها، فيشغلون عن ذكرك، ويكفرون بنعمك، فيقعون تحت طائلة نقمتك وعذابك.

وهذا القسم يكشف عنه قوله تعالى فى موضع آخر: «قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ» (٨٢: ص) .

ويجوز أن تكون الباء للسببية، أي بسبب إغوائك لى، وأن تكون اللام فى قوله تعالى: «لَأُزَيِّنَنَّ» لام الأمر، الداخلة على الفعل المضارع، وأن إبليس قد ألزم نفسه بهذا العمل إلزاما، ليردّ به على هذا الإغواء.

وفى قصر التزين على الأرض، إشارة صريحة إلى أن إبليس قد أغوى آدم وزين له حتى أكل من الشجرة، وهو على هذه الأرض، وفى هذا دليل على أن ميلاد آدم كان على هذه الأرض، ولم يكن فى السماء..

<<  <  ج: ص:  >  >>