- وفى قوله تعالى:«إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» استثناء من هذا الوعيد الذي توعد به إبليس أبناء آدم.. فهو يعرف أن لله سبحانه وتعالى فى أبناء آدم أصفياء، أحلصهم لنفسه، واصطفاهم لطاعته، وأرادهم لجنته.. وهؤلاء لا سبيل لإبليس عليهم.. فقد سبقه قضاء الله فيهم، وأنهم من أهل جنته ورضوانه..
والمخلص: هو الخالص من كل سوء، المصفّى من كل شائبة..
أما من يتسط عليهم إبليس، ويتمكن من النّيل منهم، فهم أولئك الذين لم يرد لله أن يطهر قلوبهم، ولا أن يهديهم طريقا إلا طريق جهنم.. وفى هذا يقول الله تعالى:«وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ»(٤١: المائدة) .
- الإشارة فى قوله تعالى:«هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ» هى إشارة إلى الصراط المستقيم، وهو الصراط الذي يسلكه السالكون إلى الله، ممن رضى الله عنهم، كما يقول سبحانه:«اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ» ..
فهذا الصراط هو الذي يسلكه عباد الله لمخلصون، وليس لإبليس سلطان على أحد ممن سلك هذا السبيل، واستقام على هذا الصراط.. لأن الله سبحانه وتعالى قد أوجب على نفسه حراسة المستقيمين عليه، من كيد الشيطان وإغوائه.
ولهذا جاء قوله تعالى بعد ذلك:«إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ» ..
فهؤلاء هم عباد الله المخلصون، وقد أضافهم سبحانه إلى نفسه، وأظلهم بحمايته ورعايته، وحرسهم من كل شيطان رجيم..