القنوط: هو اليأس من أمر محبوب منتظر طال انتظاره، حتى فات وقته.. وقد كان ذلك النصح من الملائكة لإبراهيم، إلفاتا له إلى ما لله سبحانه من حكمة، فى تقدير الأمور، وتوقيت الأحداث، وأنه إذا كان لإنسان مطلب خاص عند الله، فليس له أن يوقّت له، وأنه إذا وقّت له، ثم لم يقع فى وقته فليس له أن ييأس من إجابة طلبه.. فإلى الله سبحانه وتعالى تقدير الأمور وتوقيتها.. وإن اليأس من تحقيق المطلوب بعد فوات الوقت الذي وقّته له- فيه انقطاع الرجاء من الله، وصرف الوجه عنه.. وهذا ما لا ينبغى من مؤمن يؤمن بالله، ويعرف لله قدره.. ولهذا جاء جواب إبراهيم:«قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ» - تقريرا لهذه الحقيقة، وأنه عليه السلام لم يكن قانطا من رحمة الله، ولكنه كان متعجبا دهشا لهذا الأمر الذي طلع عليه فجاءة بولد غير منتظر! وهنا سؤال هو: كيف يقع من إبراهيم هذا الدّهش الذي يبلغ حدّ الإنكار من أن يكون له ولد، وهو الذي كان له ولد وهو «إسماعيل» عليه السلام، لذى سبق مولده مولد إسحاق؟
والجواب على هذا، أن إبراهيم كان ينتظر الولد من امرأته سارة، وأنه إذ طال انتظاره حتى مسّه الكبر، وبلغت سارة سنّ اليأس الذي لا يولد فيه لمثلها- اتجه إلى أن ينجب الولد من امرأة غيرها، فكان له من زوجته «هاجر» ولده إسماعيل، الذي انتقل به وأمّه إلى البيت الحرام، وأسكنه وأمّه هناك حيث المكان الذي هو مكة الآن..
وإذ لم يكن لإبراهيم غير «سارة» التي يعيش معها، فإنه أنكر أن يكون له ولد منها، بعد أن وصلا إلى هذه المرحلة من العمر!