للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسؤال آخر.. هو:

الوصف الذي وصف به الولد الذي بشّر به إبراهيم هنا من الملائكة هو أنه غلام «عليم» ثم ذكر هذا الوصف مرة أخرى فى قوله تعالى: «فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ» (٢٨: الذاريات) على حين أن هناك وصفا آخر لولد بشّر به إبراهيم وهو أنه غلام «حليم» كما يقول سبحانه «رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ» (١٠٠- ١٠١: الصافات) ..

فما سرّ اختلاف الوصفين؟ وما دلالة هذا الاختلاف.؟

والجواب:

أولا: أن وصف الغلام بأنه غلام «عليم» هو وصف للولد الذي بشر به من الملائكة بعد اليأس، وهو «إسحق» عليه السلام..

وأما الوصف الذي وصف به الغلام بأنه غلام «حليم» فهو نصف لإسماعيل عليه السلام، وأنه لم يجىء بعد اليأس، وإنما جاء إجابة من الله سبحانه لدعوة إبراهيم إذ دعا ربّه، فقال: «رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ» ..

وهذا مقام غير المقام الذي استقبل فيه البشرى بإسحاق.. فهنا يدعو دعاء الراغب الطامع، وهناك ينكر إنكار اليائس الذي انقطع طمعه فى الولد! وثانيا: أن الوصف الذي وصف به الغلام بأنه «حليم» والذي قلنا إنه وصف لإسماعيل- هذا الوصف، يشير إلى أن إسماعيل هو الذبيح، وأن صفة الحلم، هى الصفة التي تناسب الموقف الذي وقفه من أبيه حين قال له:

«يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى» ؟ فكان جوابه:

«يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ» (١٠٢: الصافات) .

<<  <  ج: ص:  >  >>