للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ردّهم عليه، هو ما حكاه الله سبحانه وتعالى عنهم فى قوله:

«قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ؟» أي ألم نحذّرك من أن تتعرض لنا، وأن تحول بيننا وبين أحد من الناس أيّا كانوا، سواء أكانوا من قومنا، أو من أي قوم آخرين؟ وهذا ما تشير إليه كلمة «العالمين» التي تشمل الناس جميعا من كل جنس، ومن كل أمة..

«قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ» .. وهكذا يدفع لوط هذا المنكر بكل ما يملك من قوى الدفع.. لقد عرض على هؤلاء القوم الضالّين بناته، ليتخذوا منهن زوجات لهم، وليكون لكل منهم زوجة من نساء قريتهم..

فذلك هو الذي ينبغى أن يكون من الرجال..

«لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ» ..

هذه الآية الكريمة، جاءت معترضة فى ثنايا أحداث القصة.. وفيها التفات إلى النبىّ الكريم «محمد» - صلوات الله وسلامه عليه- ليرى صورة من صور الإنسانية الضالّة، التي يستبدّ بها الضلال، ويركبها التزق والطيش، فلا تستمع لرشد، ولا تستجيب لنصح.

وفى القسم بالنبيّ الكريم، تكريم له، واحتفاء بشخصه، وتمجيد لقدره، ورفع لمنزلته.. فما أقسم الحق سبحانه وتعالى بإنسان غير هذا الإنسان، وفى ذلك إشارة إلى أنه واحد الإنسانية والممثل لها.. فقد أقسم الحق سبحانه وتعالى بكثير من العوالم الأخرى، إذ كانت كلّها قائمة على ما خلقها الخالق- سبحانه- دون أن تنحرف قيد أنملة.. أما عالم البشر وحده، ففيه انحرافات لم يسلم منها إنسان، إلا أنها فى رسل الله والمصطفين من عباده لا تعدو أن تكون ذبذبات خفيفة، لا تعكرّ صفوهم، ولا تميل بهم عن الصراط المستقيم..

<<  <  ج: ص:  >  >>