قوله تعالى:«وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ» - هو إعلام للنبى بالأذان الذي يؤذّن به فى الناس جميعا، وهو أنه النذير المبين، الذي يكشف لهم معالم الطريق إلى الهدى، ويريهم مغبة التنكّب عن هذا الطريق، وركوب طرق الكفر والشرك.. وقد قالها النبىّ الكريم صريحة لهم كما جاء فى قوله صلى الله عليه وسلم:«أنا النذير العريان» أي الفزع، كالنذير الذي جاء ينذر قومه بالهلاك المقبل عليهم، فأعجله ذلك عن أن يلبس ملابسه، فجاءهم عريانا.
والتشبيه فى قوله تعالى:«كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ» يشير إلى المشبه، وهو قوله تعالى «وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ» أي قل هذا القول لقومك، كما قاله الرسل السابقون إلى أقوامهم، فيما أنزلنا على هؤلاء المقتسمين من أهل الكتاب على يدرسلهم.. إذ كل رسول كان لسانه إلى قومه هو قوله:
«إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ» .
- وقوله تعالى:«الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ» هو صفة للمقتسمين، وكشف عن معنى ما اقتسموه، وهو القرآن الكريم الذي قبلوا بعضه، وردّوا بعضه، فجعلوه أبعاضا، وهذا- فوق أنه كفر- هو سفه، ومكر بآيات الله.. فإن الحقّ كيان واحد، فإما أن يقبل كله، أو يرد كلّه..
والقرآن الكريم إما أن يكون كلام الله، فيقبل، أولا يكون من كلام الله،