فيردّ.. أما أن يقبل بعضه ويردّ بعضه، فذلك هو النفاق العقلىّ، الذي يخون به المرء نفسه، ويخادع منطقه.
قوله تعالى:«فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ» تهديد لهؤلاء المشركين المعاندين من قريش، وهؤلاء المكذبين المنافقين من أهل الكتاب، ولهذا جاء قوله تعالى «أجمعين» جامعا لهم جميعا فى موقف المساءلة، والجزاء..
والمراد بالصدع الذي أمر به النبي هنا، هو أن يكشف عما أوحى إليه من ربّه، وأن يظهره للناس، ويبلغه إياهم.. والتعبير عن هذا بالصدع، يشير إلى أمرين:
فأولا: أن هذه المهمة التي يقوم بها النبي مهمة شاقة عسيرة، من شأنها أن يتصدع لها كيان الإنسان، كما تتصدع الأرض حين تنشق عن النيات المخبوء فى صدرها.. كما يقول جل شأنه:«وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ، وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ»(١١- ١٢: الطارق) ، وإلى ثقل هذه المهمّة يشير قوله تعالى:
«إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا»(٥: المزمل) وثانيا: أن هذا الذي يصدع به النبىّ ويخرجه من صدره، هو مما تتزوّد به النفوس، وتحيا عليه القلوب، كما تتزود الأجساد بما تخرج الأرض من حب وثمر، يمسك وجودها، ويحفظ حياتها..
قوله تعالى:«إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» هو تطمين للنبىّ، وتثبيت له على طريق دعوته، وعون من الله له، على أداء مهمته الثقيلة. وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي سيتولى حساب